الرئيسية » مقالات » مقالاتي

"الفايس بوك" يبشر بالشفافية الراديكالية....بقلم زياد العبد الله
 
"الفايس بوك" يبشر بالشفافية الراديكالية
بقلم :  زياد عبدالله
 

أضفني كصديق، هناك من كتب على الحائط الخاص بك، صور جديدة أضافها صديق أو صديقة، وغير ذلك مما تمضي عليه أيام البشر على "الفايس بوك"، أو "الشبكة الاجتماعية" المسمى الخاص بهذا النمط من التواصل على الانترنت، طبعاً ستحضر تجمعات أخرى مثل "ماي سبيس" السابق ل "الفايس بوك" و"تويتر" اللاحق به، وبالتأكيد لن يغيب عنا قدرات هذه الشبكات على الفعل، وحضورها الفاعل في نطاق مسيس سرعان ما انعطفت إليه في الدعوة إلى اعتصامات أو تظاهرات، والتنسيق بين قوى سياسية وتجميعها، فالتواصل أيضاً عرضة للتسيس، لا بل هو مسيس قبل أي شيء آخر، فتجميع البشر والاتصال بهم بيسر أولى أدوات التأسيس لتجمع، ومن ثم المضي به نحو غايات وأهداف محددة، ولعل مصطلح Database (قاعدة البيانات) هو الأمضى في الآليات الترويجية والدعائية بالنسبة للسلع والاستهلاك وما إلى هنالك، الأمر الذي يمتد ليشمل كل شيء في هذا العالم المترامي، فمتى امتلكت قاعدة بيانات واسعة فإنك قطعت نصف الطريق نحو إيصال ما تود إيصاله، وحينها فقط يحضر المحتوى الذي سيكون تحصيل حاصل، وضمن آلية حاضرة بقوة ومتزايدة باضطراد تتمثل بثقافة الموضة، والتواتر "القطيعي" الذي تشكل الموضة إحدى تجلياته، أو "السيطرة الصامتة" المسمى الذي أطلقته الاقتصادية اليسارية نورينا هيرتس في كتابها عن "الرأسمالمية العالمية وموت الديمقراطية" الذي راحت ترصده منذ عام 1979، وفي جانب آخر فإن هذه السيطرة الصامتة سرعان ما تولد أدوات التمرد عليها، لا بل إنها تخرج المكتسبات الجديدة عن مسارها وتمضي بها إلى تطلعات متناقضة تماماً معها. 350
 مليون مستخدم فعّال للفايس بوك، ينفقون 8 بليون دقيقة كل يوم يقول لنا كتاب The Facebook Effect (أثر الفيس بوك) الصادر أخيرا عن "فيرجين بوك" لديفيد كيركباتريك ولا شيء مدهش في هكذا إحصائية ونحن نعرف بأن هذا الرقم في ازدياد مضطرد في كل دقيقة ربما، والمطمح الحالي للفايس بوك أن يصل إلى مليار مستخدم، وربما في أثناء قراءة هذه الأسطر لن نعرف كم زاد عدد المستخدمين، حيث يمكننا في الوقت نفسه الحديث عن 400 مليون مستخدم في احتفال مرور ست سنوات على إطلاق هذه الشبكة كما تناقلت وسائل الإعلام.
ويمكن الحديث الآن عن تماوت البريد الإلكتروني -11% يستخدمون البريد الإلكتروني في أميركا وما تبقى يستخدمون الشبكات الاجتماعية في مراسلاتهم- والذي على ما يبدو في طريقه لأن يتحول إلى المخاطبات الرسمية فقط، ولعل مصيره مع السنوات القادمة سيمسي مماثلا لمصير البريد العادي وساعي البريد، حيث "الهوت ميل" أو "الياهو" سيتحولان ربما إلى ما يشبه الطوابع التذكارية، كما أصبحت تلك الأخيرة متغمدة في المجلدات، وهكذا فإن "الأي بوت" سيجد ما يتسع لذكريات البريد الإلكتروني الحزينة، وهو يهجر هذا العالم أمام مملكة مارك زوكربيرغ التي تقضم الأخضر واليابس. يورد مؤلف كتاب "أثر الفايس بوك"، بعد حديث مطول عن التسيس الذي طال "الفايس بوك" واجداً في كولومبيا وإيران مثالين حيين على ذلك، يورد مقولة لزوكربيرغ لها أن تستوقفنا، كون هذا الأخير يدخل من خلالها مرحلة أدلجة "الفايس بوك" وهو يصف منتجه بـ "الشفافية الراديكالية" معتبراً أن توفر معلوماتنا الشخصية بالنسبة للآخرين تحولنا إلى أناس أفضل، وهذا بالتأكيد من ضرورات التسويق التي لن تترك هذه المساحة دون إحاطتها بهالة تبشرية لا تمت بالحقيقة بشيء، وتنتمي إلى النوايا الحسنة التي لم تغيير شيئا على مر العصور، لكنها بالتأكيد جعلت من زوكربيرغ واحداً من "مليارديرات الصدفة" كما هو عنوان الكتاب الذي ألفه عنه بن ميزريغ والذي حوله المخرج الأميركي ديفيد فينشر إلى فيلم بعنوان The Social Network (الشبكة الاجتماعية)، والذي سيروي بصريا قصة زوكربيرغ ورفاقه وكيف توصلوا في جامعة هارفرد إلى تأسيس شبكة خاصة بطلاب هذه الجامعة وكيفية انتشار ذلك في العالم وليمسي زوكربيرغ مليارديرا بين ليلة وضحاها، وهو يمتلك الآن 24 بالمئة من أسهم "فايس بوك" ويعتبر أصغر ملياردير من بين المائة الأكثر غنى في العالم.
ولعل الحديث عن فيلم من إخراج فينشر سيعيدنا إلى فيلمه الشهير "نادي القتال" 1999 والذي له أن يكون على طرف النقيض من قصة النجاح التي سيرويها في جديده، وبكلمات أخرى: نجاح من نوع آخر، حيث نادي القتال الذي ينتشر حول العالم وبتمرد أعتى مما يؤسس له تيلر ديردن الشخصية الفصامية لراوي الفيلم، له أن يكون كذلك مع "الفايس بوك"، والذي يحمل أيضاً إمكانية تمردية ومعولمة أيضاً، فالأمر خاضع هنا للغايات التي يستخدم بها، وهل الأمر خاضع للشات والصور وتبادل الشؤون اليومية، أم أن الأمر محمل بالأفكار بتلاقحها وتصارعها، الأمر المتروك للزمن الذي تبدت معالم كثيرة منه، فإن كانت الشفافية الراديكالية ما يطمح إليه زوكربيرغ، فيمكن الحديث أيضاً عن الحقائق العارية ومدى كونها متاحة ومتصارعة في هذا الفضاء التجميعي الذي قد يترتب عنه تايلر ديردين بحق.
بالعودة إلى فيلم (الشبكة الاجتماعية) فإن الفيلم على ما يبدو، مكتف بسرد قصة حياة زوكربيرغ وهو مندرج تحت جملة ناظمة هي "لن تصل إلى 500 مليون صديق دون أن تكسب عددا من الأعداء"، والتي ستضعنا مباشرة أمام ما سيواجهه مؤسس "فايس بوك" من صعاب وما إلى هنالك والتي لن تكون بشيء ما دمنا نعرف في النهاية بأنه أمسى من أغنياء العالم ولم يتجاوز الثالثة والعشرين بعد. *********************
 موقع أوكسجين
الفئة: مقالاتي | أضاف: negative9558 (10-09-08) | الكاتب: negative9558 E
مشاهده: 529 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]